أخر الأخبار

الاثنين، 23 يونيو 2008

العفة فى المال


العفة عن أموال الغير:

المسلم عفيف عن أموال غيره لا يأخذها بغير حق. وقد دخل على الخليفة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- أحدُ وزرائه ليلا يعرض عليه أمور الدولة.

ولما انتهى الوزير من ذلك، أخذ يسامر الخليفة ويتحدث معه في بعض الأمور الخاصة، فطلب منه عمر الانتظار، وقام فأطفأ المصباح، وأوقد مصباحًا غيره، فتعجب الوزير وقال: يا أمير المؤمنين، إن المصباح الذي أطفأتَه ليس به عيب، فلم فعلتَ ذلك؟ فقال عمر: المصباح الذي أطفأتُه يُوقَدُ بزيتٍ من مال المسلمين.. بحثنا أمور الدولة على ضوئه، فلما انتقلنا إلى أمورنا الخاصة أطفأتُه، وأوقدتُ مصباحًا يوقد بزيتٍ من مالي الخاص.

وبهذا يضرب لنا عمر بن عبد العزيز المثل الأعلى في التعفف عن أموال الدولة مهما كانت صغيرة.كما أن المسلم يتعفف عن مال اليتيم إذا كان يرعاه ويقوم على شئونه، فإن كان غنيَّا فلا يأخذ منه شيئًا، بل ينمِّيه ويحسن إليه طلبًا لمرضاة الله -عز وجل-، يقول تعالى: {ومن كان غنيًا فليستعفف} [النساء: 6].

وقد ضرب لنا الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- مثلا رائعًا في العفة عن أموال الغير حينما هاجر إلى المدينة المنورة، وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع -رضي الله عنه-، قال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسَمِّها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجْها. فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك. أين سوقكم؟ فدلُّوه على سوق بني قَيْنُقاع) [البخاري].

وذهب إلى السوق ليتاجر، ويكسب من عمل يديه.

عفة المأكل والمشرب:

المسلم يعف نفسه ويمتنع عن وضع اللقمة الحرام في جوفه، لأن من وضع لقمة حرامًا في فمه لا يتقبل الله منه عبادة أربعين يومًا، وكل لحم نبت من حرام فالنار أولي به، يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} [البقرة: 172].

وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الأكل من الحلال، وبيَّن أن أفضل الطعام هو ما كان من عمل الإنسان، فقال الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) [البخاري].

وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من أمسى كالا (متعبًا) من عمل يديه أمسى مغفورًا له) [الطبراني].

وذلك لأن في الكسب الحلال عزة وشرفًا، وفي الحرام الذل والهوان والنار. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يربو (يزيد أو ينمو) لحم نبت من سُحْتٍ (مال حرام) إلا كانت النار أولى به) [الترمذي].

الأحد، 22 يونيو 2008

الفساد والهلاك يأتى عن طريق الرشوة

إذا فشت الرشوة في مجتمع من المجتمعات فلا شك أنه مجتمع فاسد، محكوم عليه بالعواقب الوخيمة، وبالهلاك المحقق.لقد تحمل الإنسان الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، والواجب على هذا الإنسان أن يؤدي الأمانة على الوجه الأكمل المطلوب منه لينال بذلك رضا الله تعالى وإصلاح المجتمع، أما إذا ضيعت الأمانة ففي ذلك فساد المجتمع واختلال نظامه وتفكك عراه وأواصره.
وإن من حماية الله تعالى لهذه الأمانة أن حرم على عباده كل ما يكون سببًا لضياعها أو نقصها؛ فحرم الله الرشوة وهي: بذل المال للتوصل به إلى باطل، إما بإعطاء الباذل ما ليس من حقه، أو بإعفائه من حق واجب عليه، يقول الله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون} [البقرة:188].
ويقول الله تعالى في ذم اليهود: {أكالون للسحت} [المائدة:42].
ولا شك أن الرشوة من السحت كما فسر ابن مسعود رضي الله عنه الآية بذلك.الرشوة من الكبائر:عد بعض العلماء الرشوة من الكبائر خاصة إذا كانت على الحكم، ومما يدل على أن الرشوة من الكبائر ما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي).
ومعلوم أن اللعن لا يكون إلا على ذنب عظيم ومنكر كبير.مجالات الرشوة:لقد اقتحمت الرشوة الكثير من الجوانب في المجتمعات المختلفة حتى لم يكد يسلم منها مجال من المجالات، ولا سيما فيما يسمى دول العالم الثالث.
فهناك الرشوة في الحكم، فيقضي الحاكم لمن لا يستحق أو يمنع من يستحق أو يقدم مَن ليس من حقه أن يتقدم ويؤخر الجديرين بالتقدير والتقديم، أو يحابي في حكمه لقرابة أو جاه أو رشوة أكلها سُحتًا.
كما تكون الرشوة في تنفيذ الحكم أيضًا. والرشوة تكون في الوظائف أيضًا حيث يقوم الشخص بدفع الرشوة للمسؤول عن الوظيفة فيعينه رغم استحقاق غيره، وهذا بالإضافة إلى أنه أكلٌ للحرام والسحت، فإنه كذلك خيانة للأمانة؛ حيث ينبغي أن يوظف الأصلح والأكفأ: {إن خير من استأجرت القوي الأمين} [القصص:26]. وكذلك تكون الرشوة في التعليم، وفي مجالات البناء والتشييد، وغيرها من المجالات التي يطول المقام بذكرها.
من آثار الرشوة وأضرارها:
إن لجريمة الرشوة آثارًا خطيرة وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، ويمكن أن نجمل بعضها فيما يلي:
1) توسيد الأمر لغير أهله:
إن الإنسان حين يدفع رشوة للحصول على وظيفة معينة لا تتوافر فيه مقوماتها وشروطها فهو ليس أهلاً لهذه الوظيفة، مما يترتب عليه قصور في العمل والإنتاج، وإهدار للموارد.
2) تدمير المبادئ والأخلاق الكريمة:
إن انتشار ظاهرة الرشوة في مجتمع من المجتمعات يعني تدمير أخلاق أبناء هذا المجتمع وفقدان الثقة بين أبنائه، وانتشار الأخلاقيات السيئة كالتسيب واللامبالاة، وفقدان الشعور بالولاء والانتماء، وسيطرة روح الإحباط.
3) إهدار الأموال وتعريض الأنفس للخطر:
فلو تخيلت أن الرشوة قد سادت في مجتمع حتى وصلت إلى قطاع الصحة وإنتاج الدواء، فكيف ستكون أحوال الناس الصحية حين يستعملون أدوية رديئة أُجيز استعمالها عن طريق الرشوة؟ثم تخيل أنك تسير على جسر من الجسور التي بها عيوب جسيمة تجعل منها خطرًا على أرواح الناس وممتلكاتهم، وقد حصل المقاول على شهادات إتمام العمل والبناء عن طريق الرشوة، كم سيترتب على انهيار هذا الجسر من خسائر في الأرواح والأموال؟وقس على ذلك جميع المجالات؛ لهذا كانت الرشوة إهدارًا للأموال وتعريضًا للأنفس للخطر.
الفرق بين الرشوة والهدية:
مما لا شك فيه أن الرشوة والهدية قد يشتبهان في الصورة لكن الفرق الرئيس بينهما هو في القصد والباعث على كل منهما حيث قصد الْمُهْدِي في الأساس استجلاب المودة والمعرفة والإحسان.هل الهدية للحاكم رشوة؟ذهب كثير من أهل العلم إلى أن أخذ الحاكم للهدية هو نوع من الرشوة؛ لما رواه الشيخان عن أبي حميد الساعدي قال: (استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن اللتيبة على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أُهدي لي. قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: "ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أُهدي لي! أفلا قعد في بيت أبيه – أوفي بيت أمه – حتى ينظر أُيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر" ثم رفع يديه حتى رأينا عُفرتي إبطيه، ثم قال: "اللهم هل بلغت؟" مرتين).
قال النووي رحمه الله: في الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول؛ لأنه كان في ولايته وأمانته... وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة، وأما ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية فإنه يرده إلى مُهْديه، فإن تعذر فإلى بيت المال.
وقال ابن بطال: هدايا العمال تُجعل في بيت المال، وإن العامل لا يملكها إلا إذا طلبها له الإمام.ما حكم المضطر للدفع؟إذا تقرر أن الهدايا الممنوحة للموظفين على الصفة التي تكلمنا عنها سابقا هي نوع رشوة، فماذا يفعل صاحب الحق في مجتمع فشت فيه الرشوة، وفسد جهاز الحكم بحيث لا يستطيع صاحب الحق أن يصل إلى حقه إلا برشوة يدفعها لذي السلطان؟
لقد قرر العلماء في مثل هذه الحالة أن الإثم يقع على الآخذ ويبرأ المعطي من الإثم إن كان عطاؤه بغرض التوصل إلى حق أو دفع ظلم قد يقع على النفس أو الدِّين أو المال.فيا أيها الحبيب إذا كان العلماء قد أفتوا بجواز الدفع عند الاضطرار مع إثم الآخذ ، أفلا يدل هذا على أن الرشوة نوعٌ من السرقة؟ بل قد تكون أقبح؛ لأنها تفسد ضمير ذي السلطان، وتجعله يهضم الحقوق من أجل مصلحة الراشي، وحينئذ يفسد جهاز الدولة ويصبح ألعوبة بأيدي المجرمين وأصحاب الأهواء الظالمين الذين بأيديهم أموال يبذلونها رشوة لمن بأيديهم الأمر من ذوي السلطان والمناصب العامة.

إليك أيتها الأخت العفيفة


في هذا المقام سأعرض لك إذا اخترت طريق العفة إشراقات من النور مضيئة وإطلالات تبهج النفوس من القرآن والسنة المطهرة، ومنها سنستشف لماذا طريق العفة هو الطريق ولا طريق غيره للفتاة المسلمة؟
لأن العفة هي الحياء والحياء من الإيمان.
لأن العفة هي الفطرة السوية.
لأن العفة هي الحياة الطيبة.
لأن العفة هي الطريق إلى الرزق من الله بالزواج والمال أيضًا.
وقبل ذلك كله لأن العفة هي الطريق إلى رضا الله و إلى الجنة.
1ـ وإليك هذه الومضات القرآنية:
1ـ يقول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33].
هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجًا بالتعفف عن الحرام كما قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
عزيزتي الفتاة المسلمة .. لا تتوهمي أن طريق الشهوات هو الطريق الأسهل لإرضاء النفس والوصول إلى ما تتمنين، بل طريق العفة هو الطريق الأسهل والأضمن لهذا القصد. لماذا؟
لأن مع المتعفف عون من الله ووعد منه أيضا بالرزق والإغناء.
لقد تكفل الله بإغناء الرجال والنساء إن هم اختاروا طريق العفة النظيف: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32].
وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف".
إذن فلا يقف الفقر عائقًا عن الزواج فالرزق بيد الله يزرق من يشاء بغير حساب فهل تستغني عن عون الله وكفالة الله لك بالرزق والإعفاف من أجل نزوة وشهوة سريعة تنفض في دقائق معدودة؟
2ـ يقول الله تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء:25] قال ابن عباس: المسافحات هن الزواني اللاتي لا يمنعن أحدًا أرادهم بالفاحشة، {مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} يعني أخلاء، وقال الحسن البصري: يعني الصديق.
ثم تأتي الآيات بعد ذلك: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً[27]يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:27ـ28].
إن الله يتلطف مع عباده ويريد لحياتهم الخير ويكرمهم ويطهر المجتمع ويحدد الصورة النظيفة الوحيدة التي يحب الله أن يلتقي عليها الرجال والنساء "الزواج" وتصان نفوسهم بالزواج، وتحريم ما عدا ذلك من الصور.
أما ما يريده الذين يتبعون الشهوات فهو أن يطلقوا الغرائز من كل عقال: ديني أو أخلاقي أو اجتماعي، يريدون أن ينطلق السعار الجنسي المحموم بلا حاجز ولا كابح، الذي لا يقر معه قلب ولا يسكن معه عصب، ولا يطمئن معه بيت ولا تقوم معه أسرة كل هذا الفساد وهذا الشر باسم الحرية، والنظر إلى الواقع في حياة المجتمعات التي "تحررت" من قيود الدين والأخلاق والحياء في هذه العلاقة يكفي لإلقاء الرعب في القلوب لو كانت هنالك قلوب.
وتخفيف الله سبحانه وتعالى يتمثل في الاعتراف بدوافع الفطرة وتصريف طاقتها في الجو الطاهر النظيف الرفيع "الزواج الشرعي" المأمون المثمر، دون مشقة أو عنت دون أن يطلقهم ينحدرون في الاستجابة لها بغير حد أو قيد. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب ـ بتصرف]
3ـ يقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:30].
ألم يكن يكفي هذا النداء من الله للمؤمنين، وإذا جاء لفظ المؤمنين فإنه للرجال وللنساء أيضًا، ولكن الله خص النساء بالآية لأهمية وقدر المرأة العظيم عند الله الشارع العظيم فقال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:31].
وهذا أمر من الله للنساء بغض البصر عما حرم الله من النظر إلى غير أزواجهن، وأيضًا أمر من الله بحفظ فروجهن، قال سعيد بن جبير: عن الفواحش، وقال قتادة وسفيان: عما لا يحل لهن، وقال مقاتل: عن الزنا.
إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف لا يهاج فيه الشهوات كل لحظة، ولا تستثار فيه دفعات اللحم والدم في كل حين، فعمليات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي، والنظرة الخائنة والحركة المثيرة والزينة المتبرجة والجسد العاري .... كلها لا تصنع شيئًا إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني وينفلت زمام الأعصاب والإرادة.
لقد أمر الله الرجال بغض البصر ثم خص النساء أيضًا بآية غض البصر لتقليل فرص الغواية والفتنة والاستثارة من الجانبين، وغض البصر أدب نفسي ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على محاسن الغير كما أن فيه إغلاقًا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة [وهي البصر]، وهو الخطوة الأولى لتحيكم الإرادة ويقظة الرقابة، ثم بعد ذلك لا يبحن فروجهن إلا في حلال طيب، يلبي داعي الفطرة في جو نظيف، لا يخجل الأطفال الذين يجيئون عن طريقه من مواجهة المجتمع والحياة.
4ـ يقول تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المعارج:29].
وهذه الآية تعني طهارة النفس والجماعة، فالإسلام يريد مجتمعًا طاهرًا نظيفًا تلبى فيه كل دوافع الفطرة ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل، مجتمعًا يقوم على البيت العلني والعلاقات الجنسية النظيفة الصريحة طويلة الأمد، واضحة الأهداف، مجتمعًا يعرف فيه كل طفل أباه ولا يخجل من مولده.
وفي نهاية سياق هذه الآيات يبشرنا الله بجزاء من يفعل ما ذكر في الآيات والذين هم ....... والذين هم ........... والذين هم.........
وما الجزاء؟

{أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج:35].
إذن جزاء الذين هم لفروجهم حافظون هو [أولئك في جنات مكرمون] فجزاء العفة هو الجنة أيتها الفتاة المسلمة.
2ـ عزيزتي مريم العصر .... هذه وقفات مع رسولنا الكريم:
الوقفة الأولى:
هذا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ـ يصف لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد حياء من العذراء في خدرها" [متفق عليه].
أي أشد حياءً من البكر حال اختلائها بالزوج الذي لم تعرفه قبل واستحيائها منه.
أليس لكِ في رسول الله أسوة حسنة؟ أليس حري بك أن تكوني في حياء الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو رجل وأنت امرأة؟
الوقفة الثانية:
هذا مشهد الصحابي يعاتب أخاه على شدة حيائه وكأنما يقول له "قد أضر بك الحياء" فيقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "دعه ... فإن الحياء من الإيمان".
وانظري إلى تفسير الإمام أبي عبيد الهروي لهذا الحديث بقوله:
"معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي" ومن يستحي يتعفف عن فعل كل قبيح يقول الشاعر:
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
الوقفة الثالثة:
وفي بيعة العقبة بايع الرسول صلى الله عليه وسلم النساء على ماذا؟ على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يأتين ببهتان، وكانت هند بنت عتبة تراجع الرسول صلى الله عليه وسلم وترد عليه ومن هذه الردود، قال هند بنت عتبة: أوَتزني الحرة؟
وهذا سؤال استنكاري تعجبي، هذا هو حال المرأة في الإسلام عفيفة شريفة تفكر وتتعلم وتسأل، وليست كمًا مهملاً أو قطعة أثاث لا حياة فيها صماء بكماء، إنها امرأة فاعلة لها دورها في الحياة تحيا في بيتها في سياج العفة والطهر.
الوقفة الرابعة:
ورد في صحيح سنن النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر........"
إذن حيث وجد الحياء وجد الستر والعفاف، وحيث تحل الجرأة على القبائح يحل معها التكشف والفضائح، وستبقي الفطرة السوية مقترنة بالعفة والحياء.
ومن الجميل يا مريم العصر أن نجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو بدعائه المشهور "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى".
الوقفة الخامسة والأخيرة:
هذا المشهد العجيب لامرأة قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إنها من أهل الجنة.
فعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله ـ تعالى ـ لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله ـ تعالى ـ أن يعافيك. فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها". [متفق عليه ]
مريم هذا العصر .. إن هذه امرأة وعدها الرسول بالجنة وهي: سوداء، تصرع، تتكشف.
لقد خيرها رسول الله بين الجنة أو المعافاة من الصرع فاختارت الجنة.
ولكن أرَّقها أنها حين تصرع تتكشف، فسألت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدعاء ألا تتكشف، لماذا؟ إنه الحياء، إنها العفة، إنها امرأة حقيقية مع أنها سوداء.
إذن جمال المرأة ليس في كون لونها أبيض أو أسود، ولكن الجمال الحقيقي في الحياء والعفة، حياء الفتاة قوة وليس ضعفًا، وهو عنصر جمال عند الفتاة لا يقل أهمية عن لونها وشكلها.
وأنت أيتها الفتاة: ماذا تختارين طريق العفة والحياء الذي ينتهي بك إلى الرزق والسكن الحقيقي في الدنيا والجنة في الآخرة،أم تختارين طريق النزوة والشهوة واللذة السريعة الخاطفة التي يعقبها سواد في القلب وضنك في الحياة؟! .. فسبحان الله شتان بين النور والظلمات.
ولا تنسي قصة الكريمة العفيفة مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فرزقها الله برسول وهو عيسى عليه السلام ـ ورزقها في الدنيا الرزق الواسع الوفير، وفي الآخرة هي من أهل الجنة، إذن الحجاب والصلاة والعفة والحياء هم سبب الرزق بالزواج والسكن والاستمتاع الحقيقي النظيف، أما اتباع الهوى واتباع المتحررات من الشرق والغرب والتخلي عن الحجاب والصلاة والعفاف هي طريق إلى ضنك الحياة وشتات وضياع وحيرة وقلق في الدنيا وسخط الله تعالى وعذابه في الآخرة.
فتاتي العزيزة ....
تذكري قول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33].
أي اطلبي العفة، واسعي وابذلي الجهد وادعى الله تعالى أن يرزقك العفة، والاستعفاف يكون إما بالصوم أو بالزواج لمن استطاع الزواج.
اللهم ارزقنا جميعًا "الهدى والتقى والعفاف والغنى"

العفة ونماذج الزواج الميسر

كنت كاى شاب خلق الله فيه الميل إلى نصفه الأخر وخلق فيه شهوته لتكون امتحانا لمدى حبه لله وحبه لما يحبه الله خاصة في هذا السن الملئ بالقوة والحيوية والنشاط ، سن العاطفة والاندفاع ورائها وغلبتها علي العقل وما يمليه من تدبروحكمة فيما يفعل ودقة فيما يختارمع دراسة للعواقب والنتائج ،العواقب الدنيوية والأخروية. الشهوة محل للاختيار بين رضا الرحمن أو الانسياق وراء الشيطان و بين إن يكون إنسان أو أن يقلد الحيوانفلقد خلق الله هذه الشهوة لتكون دافعا لتكوين بيت طاهر يحوي ذكر وأنثي يتعاونان علي الخير ويتقاسمان مهام الحياة ، وحفاظا علي النوع البشري لأعمار الأرض ،وليذيقهم الله بعض من نعيم متعة كمالها وذروتها وبقاءها في جنة الخلد .
لقد كنت التزم ما امرنى الله من عدم النظر أو الخلوة أو لين الكلام مع غير المحارم من النساء وكذلك غيري من الشباب المتدين .وكنت أري في مقاومة شهوتي وشيطاني متعة كبيرة وكنت اسعد بيومي الذي اخرج فيه منتصرا عليهما بل كنت اشعر باني قائد قوي أمام شهوتي وليس تابعا لها تعبث بي حيث شاءت ،دائم الاستحضارلحديث الرسول الكريم ( إن أخوف ما أخاف علي أمتي فتنة النساء ( أي الوقوع في الحرام )وان أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء ) –
وقوله صلي الله عليه وسلم:( النظرة( أي الحرام) سهم من سهام إبليس من تركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه ) وتشبيه الرسول صلي الله عليه وسلم للفتاة المتزينة أو المتعمدة لإبداء فتنتها بقوله ( المرأة تذهب وتجئ في صورة الشيطان ) و قوله الرسول صلي الله عليه وسلم ينصح علي بن أبي طالب ( لا تتبع النظرة النظرة فانما لك الأولي وعليك الثانية) . وقوله تعالي رواية عن يوسف عليه السلام ( إلا تصرف عني كيدهن اصب إليهن وأكن من الجاهلين ) سورة يوسف –
وقوله تعالي (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكي لهم إن الله خبير بما يصنعون , وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن ألا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن أو أباء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا علي عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما بخفين من زينتهن وتوبوا الي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)
وكانت الآداب والأحكام التي تحويها سورة النور في القران الكريم وغيرها من الآيات والأحاديث وكذلك العقوبات الدنيوية والأخروية علي الخطاء في هذا المجال عونا لي في معركتي في هذه المرحلة العمرية فحفظني الله كما حفظ الكثير من إخواني وأخواتيوأسرد هنا بعض الوسائل للتغلب على هذه الفتنة
1-التدين والتمسك بأداء العبادات ومطالعة القران والسنة والسير وسير الصالحين .الصحبة الصالحة التي كانت تحيط بالإنسان فتذكره بالخير وتنمي فيه مراقبة الله ويستحي فيها أن تراه علي خطا في أوقات
2-ضعف إيمانه وتأخذ بيده إذا كبا
3-تجنب رفقاء السوء الذين تجرءوا علي محارم الله ( مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير . فحامل المسك إما ان تبتاع منه( أي تشتري) وإما أن يخدمك ( يعطيك هدية ) وإما أن تجد منه ريحا طيبة أما نافخ الكير (هو نار الحداد والجلوس إليه ) إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم4-عدم إتباع خطوات الشيطان وإغلاق الباب في وجهه من أول طرقة فالشيطان يستدرجك خطوة خطوة حتى تصل الي موقع اللاعودة . فعد من قريب قبل أن تشدك أمواج البحر الي عمق غريق ).
- كنت اعلم أن الله سيجعل لي هدية بزواج صالح قريباوكنت أقول لنفسي الشباب لا يسعون الي طريق الزواج لصعوبته في هذه الأيام ويفضلون المشي في الحرام وهم يحسبونه السبيل الأسهل والأقرب ،لكن الله تعهد لمن يعف نفسه ويتجه الي الطريق الصحيح أن يعينه عليه فمن الثلاثة الذين تعهد الله أن يعينهم كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (والشاب يريد أن يعف نفسه )
- الأستاذ محمد حسين وقضية تيسير الزواجتبني الأستاذ محمد حسين قضية تيسير الزواج وجعل من دروسه النسائية وكذلك للدروس الشبابية مادة يركز عليها لاعفاف الشباب من الجنسين، وذكرعقبات الزواج الست وكيفية التغلب عليها وهذه العقبات -قناعة الشاب بالزواج المبكر .قناعة الفتاة بالزواج المبكر .قناعة أهل الشاب بالزواج المبكر .
قناعة أهل الفتاة بالزواج المبكر.مكان الزواج السكن .
الإنفاق بعد الزواج .وكان يتبني بنفسه ومن امن معه بقضية الزواج المبكر الميسر إقناع الشباب والفتيات من خلال الدروس المسجد والمحاضرات العامة . وكذلك استخدام ما حباه الله به من علم ديني وقبول شخصي لدي اسر هؤلاء الشباب والشابات للقيام بدوره لخدمة هذه القضية ، وكان يري أن حل مشكلة السكن قد تكون بالعيش مع الأسرة حتى يتمكن من الانتقال الي مسكن خاص أو استئجار شقة صغيرة في بداية الزواج أو شقة في منطقة شعبية الى أن تتحسن أوضاعه الاقتصادية مع الزهد والتقشف في فرش المنزل .
وأما المصاريف فالاقتصاد فيها ومعاونة الأسرة للأبناء أن يعيشوا حياة بسيطة في الحلال خير من العيش في الحرام .وكنت من أوائل الامثله التي كانت ناجحة .
فلقد كانت الرغبة الطبيعية من شاب في مثل سني ،كما كان لتعاطف أسرتيى الشديد مع طلباتنا بعد استشهاد أخي /حمزة ( رحمه الله ) في حرب رمضان أثره فى سهولة أقناعها بالزواج فحين عرضت عليهم موضوع الزواج وكنت في السنة الرابعة بكلية الطب لم أجد معارضة منهم رغم تأكيدهم أن العقبة في زواجي ستكون من قبل الفتاة وأهلها فكيف تقبل فتاة أو أسرتها أن تزوج ابنتها طالب أو أن تسكنها مع أهل زوجها أو إلا يكون تجهيزها بجهاز مثل زميلاتها ..
ولكنهم سايرونى ربما استنادا الي استبعاد أن ترضي أسرة أي فتاة بذلك وإنني أعيش عالم خيال المراهقين .
أبلغت أ/ محمد حسين بموافقة أسرتي ، وبدأنا نبحث عن شريكة الحياة وفي يوم الدرس النسائي الذي كان يلقيه بمسجد عصر الإسلام ( سيدي جابر ) يوم السبت دعاني للحضور بعد انتهاء الدرس لأري فتاة قد اختارها لي وهو يري أن عندها من الإرادة والتحدي والرضا ما يسهل إتمام الزواج كما أن علاقته الحميمة بأسرتها وثقتها التامة فيه تسمح له بتذليل عقبة موافقة أهلها ، ذهبت في الموعد ورأيتها دون أن ترانى . وشرح الله صدري لها بل وتمنيتها زوجة لي ودعوت الله أن يجعل منها رفيقة وعونا لي في حياتي الدينية والعملية تعيش معي حياتى حلوها ومرها أفراحها وضيقها وان تكون زوجة لي في جنة الخلد .
ولقد أدي أ / محمد حسين دوره في الوصول الي قناعة أسرتها التي تتمتع بمستوي اجتماعي مرتفع .وحدد أ / محمد حسين موعدا لزيارتي وأسرتي لأسرتها في منزلهم بسيدي بشر . ولقد سبقت الي منزلها مع أ / محمد حسين ثم لحق بنا أبي وأمي وأثناء دخولها سلمت عليهما وقبلت يديهما كما تعودت ولكن ما أدهشني أن فتاتي التي أصبحت زوجتي قامت يومها فسلمت عليهما وقبلت يديهما كما فعلت أنا رغم عدم وجود هذا العرف في أسرتها .
مما رسخ حب أبي وأمي لها وتعلقهما بها واحترامهما لها لما بدي من رقي ذوقها وأخلاقها .وجاء يوم الشبكةاشتريت لها ساعة يد متواضعة من مصروفي الخاص بعد اتفاق بيننا علي ان نضرب مثلا في البساطة والزهد وكانت معركة مع أسرتي حيث أبت أن نذهب إلا بشبكة تليق بمستوانا ومستوي الأسرة التي ارتبطنا معها ولكن مع إلحاح ومساندة من أ / محمد حسين استطعنا إقناع أسرتي علي مضض أننا نريد أن نضرب نموذج يحتذي في تحدي العادات والتقاليد والمغالاة والمفاخرة التي أرهقت الأسر والشباب وشاءت إرادة الله أن تتم الشبكة بهذه الساعة فقط في وسط جمع من أقاربي وأقاربها وكان البعض ينظر إلينا نظرة احترام لقوة إرادتنا وروح التحدي التي تمتعنا بها أنا وخطيبتي والبعض الأخر ينظر إلينا نظرة أستغراب ودهشه .
تحدث الكثيرين من أقارب زوجتي معها ومع أسرتها كيف تزوجون ابنتكم لطالب كيف ترضون بهذا التهور الشبابي سوف تندمون في المستقبل لو لم يدفع الشاب ثمنا غاليا في زواجه سوف يستخف بزوجته وغيرها من العبارات التي تعرفونها والجميع يتوقع فشل هذا الزواج ولكن هذه الاحتجاجات والحمد لله لم تمثل عقبة في طريق إتمام زواجنا .كنا نعيش روح التحدي في هذا الجيل حيث كان المجتمع يخالف الإسلام أو يخاف الإسلام أو يحارب الإسلام .ولقد ساعدت روح التحدي التي كنا نعيشها نحن شباب وفتيات الصحوة الإسلامية في ذلك الوقت علي أن نبدع ونكسر الحواجز المصطنعة ونضرب الأمثلة علي أن الإسلام ومبادئه لازالت حية وتصلح لكل زمان ومكان.
وجاء يوم عقد الزواجوقررنا أن نعقده علي سطح بيت أهل خطيبتي وأحاطني إخواني المتدينين في أرجاء الإسكندرية بإعداد المكان واصطحابي إليه ودعوة الدعاة بالإسكندرية وحضر ما يربو علي المائتين من الشباب المتدين والملتحي في ذلك الوقت فكان منظرا مثيرا لدهشة الجيران .
تجمعت الأخوات المتدينات داخل الشقة والشباب علي سطح المنزل الذي اعد بالفراشة ومكبر الصوت ومشروب الشربات البسيط وتولي عقد القران فضيلة الشيخ / احمد المحلاوي وقرأ القرآن الاخ الفاضل / محمد الفرماوي صاحب الصوت الندي وكانت كلمات الشيخ /محمود عيد وأ/ محمد حسين والشيخ / قطب والشيخ / احمد المحلاوي ، واذكر ان الشيخ /احمد المحلاوي كان منبهرا بكثرة عدد المتدينين في الإسكندرية حيث قال : لقد أحييتم في الأمل في انتصار الإسلام فان كان لبعث للإسلام من بلد فمن مصر وان كان من نموذجا لمصرف نموذجها شباب الإسكندرية يوم البناء ولم يمض أربعون يوما علي عقد الزواج حتى كان الزواج في بيت أسرتي وبشراء غرفة نوم فقط بعد إصرار أبي وأمي رغم ألحاحى أنا وزوجتي بالا داعي لها .وفي ليله الزفاف ذهبت مع أسرتي بعد صلاة العشاء وجلست الأسرتان ثم أخذت زوجتي وتوجهنا إلي منزلناكان جيلنا يعيش روح الحنظليه( سيدنا حنظله) الذي قام في ليلة عرسه وخرج للجهاد حين سمع منادي رسول الله صلي الله عليه وسلم ينادي ( يا خيل الله اركبي ) واستشهد في ذات الليلة ورآه رسول الله صلي الله عليه وسلم تغسله الملائكة في صحاف من فضة بين السماء والأرض ولما سال عروسه عن الخبر قالت يا رسول الله كان بينه وبيني مابين الرجل وزوجه فلما سمع نداء الجهاد قام علي فوره وخرج ولم يغتسل .
وقد دفن رضوان الله عليه وشعره يقطر ماء من اثر هذا الغسل ( وسمي فيما بعد حنظله غسيل الملائكة).بدأت ليلتي بصلاة ركعتين طويلتين من سورة الواقعة ثم سورة ق واعترف ان هذا الطول في السور لم تكن مناسبة ، فركعتين خفيفتين كانتا كافيين سنة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم لاستحضار فضل الله عليهما فكلاهما هدية الله للأخر .وكنا في بداية تديننا نعتقد أن الكولونيا حرام فبدأنا في التخلص من كل زجاجات الكولونيا بكبها في المرحاض .
فكان الهم الأول لنا كيف نطيع الله ونستحضررضاه ونتفادى غضبه قبل أن ننشغل بحاجاتنا الشخصية .وبهذه البساطة بدأنا حياتنا الزوجية وكنت أنا وزوجتي الكريمة /جيهان في السنة الرابعة من الدراسة وأتممنا دراستنا بحمد الله ورزقنا الله من الدنيا والاولاد والاحفاد ما تقر به الاعين
وجدي غنيم وزواجه الزاهد
لقد زرت منزل أخي الحبيب /وجدي غنيم في منزله بعد زواجه بمنطقة العوايد وهي منطقة شعبية جدا وكان يصنع شيش شبابيك شقته المتواضعة من خشب صناديق التفاح بأخذها من عند الفاكهاني ويعيد تشكيلها ليصنع منها شبابيك شقته .كان يستقبل ضيوف كثيرين في هذه الشقة المتواضعة بل وبعضهم من بلاد أخري يبيتون عنده وكانت زوجته الفاضلة سمية تقوم بخدمة ضيوفه بترحاب ورضا دون تبرم من ضيق المكان .
سناء ابو زيد وزواجه الزاهد
تزوج أخي الحبيب د/ سناء أبو زيد مبكرا وسكن في شقة دور ارضي حجرة وصالة في منطقة شعبية ( بولاق الدكرور) ارض اللواء واستقبلنا في صالته التي لم يكن بها إلا كليم بلدي مفروشا علي الأرض وعاشت معه زوجته الكريمة د/ سميحه العطار راضية سعيدة حتى توفاها الله بعد سنوات من زواج سعيد وذرية صالحة ونسأل الله أن ينزلها منازل الشهداء والصديقين .
عبد المنعم أبو الفتوح وزواجه الزاهد
تزوج أخي الحبيب د/ عبد المنعم أبو الفتوح من د/ علياء خليل وسكن في منطقة شعبية شقة دور ارضي في منطقة أبو قتادة بالهرم وذهبت أنا وزوجتي لزيارتهما فيها بعد الزواج فلم نجد د/ عبد المنعم ودخلت زوجتي لتهنئة د/ علياء ، وانتظرت زوجتي بالخارج وبعد خروجها أخبرتني أن د/عبد المنعم ذهب ليشترى ستائر للشبابيك لحجب الرؤيه عمن يمرون فى الشارع حيث أن شقتهم المتواضعة فى الدور الارضى ،كما أخبرتنى أنها وجدت زوجته د/علياء تبكى وحين سألتها زوجتى عن السبب قالت:(لقد شغلت عبد المنعم بشراء الستائر عن أن يقضى هذا الوقت من أجل دعوته)وهكذا عاش هذا الجيل وهكذا بدأ حياته بسيطا زاهدا قويا فى دينه متحديا التقاليد البالية والمعوقات المعطلة عن سيره السريع فى طريق ربه

بعض من الدرس في عفة الشباب المسلم؟؟

شبابنا هم أبناؤنا وإخواننا وأحبابنا، كلنا يعلم ما يعانونه في شبابهم من مشكلات تواجههم في حياتهم.. ولعل مشكلةَ تأجج الشهوة في تلك الحقبة من العمر وانتشار دواعيها مع قلة مصارفها الحلال هي واحدة من أكبر هذه المشكلات، بل وأهمها لدى إخواننا الشباب.
.وإذا كانت العفة مطلبًا شرعيًا واجتماعيًا ـ صيانة للدين وحفاظًا على المجتمع بحفظ أهم طبقة فيه ـ فلا يخفى صعوبة هذا المطلب في مثل زماننا، زمان الفضائيات والدشوش والكليبات والشبكات العنكبوتية والتي تتكاتف جميعًا لعولمة النمط الثقافي والاجتماعي الأمريكي خاصة والغربي عامة بما فيه من إباحية جنسية، وهدم للمنظومة الأخلاقية، ومغايرة للمفاهيم الإسلامية والشرقية.
وكل هذا يجب أن لا يحملنا على اليأس والاستسلام والرضا بالواقع، بل على العكس ينبغي أن يحث الهمم ويهيج على العمل لدرء الفتن وصيانة الشباب. ويبقى الأمل في نفوسنا وحسن ظننا بشبابنا بابًا ندخل منه لدعوتهم لمجابهة الشهوات وعدم الرضوخ لها والوقوع في أسرها.
قصة يوسف
إننا حين نتحدث عن مواجهة الشهوة لا نتحدث عن أمر معجز يستحيل الحصول عليه، وإنما مطلب واقعي ممكن، وإن كان صعبًا.
وقد قص علينا القرآن قصة من قصص الشباب مع الشهوة ليتخذ شبابنا منها قدوة وأسوة ودرسًا عمليًا في كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف، ويتعرف على الأسباب المعينة على الخلاص من ورطاتها.
إن الواقع الذي عاشه يوسف عليه السلام هو في الحقيقة أشد من أي واقع يقابله شاب منا، فلقد تهيأت له كل أسباب الفاحشة ودواعيها : فالشباب والقوة والشهوة متوفرة؛ فقد كان في عنفوان شبابه، وهو يحتاج لتصريف شهوته وهو عزب، ولا مصرف له حلال، وقد بذلت له ولم يسع إليها..
والمرأة جميلة؛ فهي زوجة العزيز ومثله لا يتزوج إلا بأجمل النساء.ولا خوف من العقوبة؛ فالمرأة هي الطالبة والراغبة، وقد طلبت وأرادت بل وراودت، فكفته مؤنة التلميح أو التصريح بالرغبة.وقد أغلقت الأبواب عليهما ليكونا في مأمن، ولترفع عنه حرج الخوف من الفضيحة. ثم هو غريب في بلد لا يعرفه أحد؛ فلا خوف من أن يفتضح، وهو خادم وهي سيدته، فهو تحت سلطانها وقهرها، فيخاف إن لم يجبها أن يطوله أذاها.وقد عانى عظم الفتنة وشدة الإغراء.. فالمرأة لا شك قد أعدت للأمر عدته وبيتته بليل وخططت له، فدخلت وأغلقت الأبواب كل الأبواب، وبدأت في المراودة، ومثل هذه لابد أنها تزينت بكل زينة وجمعت كل فتنة، فما ملك إلا الهرب، وأنقذه هذه المرة وجود سيده لدى الباب رغم أن ردة فعله كانت مخيبة للآمال.
تكرر الإغراء
لقد تكرر الموقف لا شك مرات، وقد هددته وتوعدته وخوفته بالسجن، ورأى جرأتها على زوجها وقدرتها على تنفيذ أمرها، وإصرارها على تحصيل مبتغاها في قضاء وطرها، والإعلان بذلك أمام النسوة في وقاحة وعدم حياء أو خوف، مع أمنها مكر زوجها؛ فهو كأكثر رجال هذه الطبقة لا يمثل الطهر والشرف كبير قيمة لديهم وهذا ظاهر من موقفه: {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين}[يوسف:29].
لقد أعلنتها صريحة: {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمروه ليسجننَّ وليكونًا من الصاغرين}[يوسف:32]. فما وجد الصدّيق بعد كل هذا إلا أن يعتصم بالله، وأن يقدم رضًا الله على هوى النفس، بل ويرضى بالسجن (وأرجو أن نلاحظ ذلك) ترك اللذة والشهوة، وآثر عليها السجن بما فيه، وهو لا يدري متى سيخرج منه، ولعله لا يخرج أبدًا، لكنه كان أحب إليه من رغبة الشباب ولذة الحرام، فأطلقها صريحة: {رب السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهنَّ أصب إليهنَّ وأكن من الجاهلين}[يوسف:33].
إننا يا شباب نحتاج إلى استحضار هذا الموقف وأشباهه لنتخذه أنموذجًا يحتذى، ومثلاً يقتدى، ونتشبث بما تشبث به يوسف لننجو من أغلال الشهوة وذل المعصية.
قوارب النجاة:
لقد تمسك الصادق العفيف "يوسف" بأمور كانت سببًا بعد توفيق الله وحفظه في عصمته وصيانته، ولو تمسك بها كل واحد منا لبلغ بأمر الله بر الأمان كما بلغه يوسف:
أولها: خوف الله ومراقبته
لقد كان في خلوة لا يراه من البشر أحد، والضغوط كلها عليه، ومداخل الشيطان كثيره، فما بحث عن تبريرات، ولا استسلم لوخز الشهوات واستحضر في ذلك الموقف العظيم خوفه من الله تعالى ومراقبته له، وتعظيمه لحق الله تعالى فقال لما راودته بملء فيه: {معاذ الله}، {إنه لا يفلح الظالمون}.وما أجمل هذا الخوف وما أجل عاقبته التي أخبر بها نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم: "...ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله...".
ثانيها: توفيق الله وحفظه لعبده:
فلما رأى الله تعالى منه صدقه وصبره صرف عنه السوء وصرفه هو عن السوء صيانة له وتكريما وجزاء على عفته: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}[يوسف:24].
ثالثها: فراره عن أسباب المعصية:
فلما رأى منها ما رأى، وخاف على نفسه فر منها وهرب إلى الباب يريد الخروج، وهي تمسك بتلابيبه وهو يشد نفسه وينازعها حتى قدت قميصه من شدة جذبها له وشدة هربه منها.وهذا الفرار هو أعظم أسباب النجاة، فالفرار من الأسواق المختلطة، والفرار من المتنزهات، والفرار من الخلوة بالأجنبيات، وصيانة النظر عن رؤية المحرمات والعورات، والبعد عن مواقع الشهوة والعري في النت والفضائيات، كلها من أسباب الفرار بالدين من الفتن ..
وخلاصتها غض الأبصار عن الوقوع في حمى الأخطار.
كل الحوادث مبدأهـــا من النظــر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت من قلب صاحبها كمبلغ السهم بين القــــــوس والوتر
يســــر مقلته ما ضــــــر مهجته لا مرحـــــبا بسرور جاء بالضرر
ومن صدق الفرار أن يفر الواحد منا من قرناء السوء الذين يذكرونه بالمعاصي، ويحدثونه عنها وعن سبلها ووسائلها وكيفية الوصول إليها، بل ويمدونه بها وييسرونها عليه،، فهؤلاء معرفتهم في الدنيا عار وفي الآخرة خزي وبوار .
ومن أراد السلامة فليلزم أهل التقى ومواطن الخير وأصحاب العبادة كما قال العالم لقاتل المائة نفس: "ودع أرضك هذه فإنها أرض سوء واذهب إلى أرض كذا فإن فيها قوما يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم".
رابعها: الدعاء والالتجاء إلى الله:
فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها كيف يشاء، فهو سبحانه القادر أن يثبت قلبك ويصرف همم أهل السوء عنك، والتوفيق كله بيده، والخذلان أن يكلك إلى نفسك. وقد علم يوسف ذلك؛ فالتجأ إلى الحصن الحصين والركن الركين: {وإلا تصرف عني كيدهم أصب إليهنَّ وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهنَّ إنه هو السميع العليم}[يوسف:33، 34]. فإذا أردت العصمة فاعتصم بربك: {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}[آل عمران:101].
خامسها: تهويل خطر المعصية:
فقد رأى الكريم أن الفاحشة أمر عظيم وخطب جليل، وتجرؤ على حدود الله خطير، وتفكر في عقوبة الآخرة، فهانت عليه عقوبة الدنيا، فاختار السجن ومرارته على أن يلغ في عرض لا يحل له، أو أن يقضي وطرًا في غير محله: {قال رب السجن أحبُّ إلي مما يدعونني إليه}[يوسف:33].
سادسها: الاعتصام بالإيمان:
فالإيمان يصون أهله ويحمي أصحابه، ومن حفظ الله تعالى حفظه الله في دينه ودنياه وأهله وأخراه، وما عصم يوسف عليه السلام إلا الإيمان بربه وصدقه معه وإخلاصه له، وقد سجل الله له ذلك فقال: {إنه من عبادنا المخلصين}[يوسف:24].
الزواج أو الصوم:
لقد عالج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشكلة الشهوة عمليًا بدعوة القادرين على سرعة إعفاف النفس، وكذلك الآباء على سرعة تزويج أبنائهم لرفع الحرج عنهم ودفع القلق وجلب الاستقرار النفسي والاجتماعي، فإن دعت الظروف وامتنعت القدرة فاللجوء إلى الصوم، فإنه يقطع الشهوة ويحطم جموح النفس:
"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".تذكر عاقبة العفة:وهو معين للشاب على هجر الفاحشة ومقاومة الشهوة الجامحة أن يتذكر عاقبة العفة الدنيوية والأخروية. فأهل العفة هم أهل ثناء الله وفلاح الآخرة: {قد أفلح من تزكى}[الأعلى:14]. {والذين هم لفروجهم حافظون.... أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}[المؤمنون:5]. وأهل العفة هم أهل المغفرة والأجر العظيم: {والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا}[الأحزاب:35].
وأهل العفة هم أهل الجنة:
"من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة". ثم تذكر الإحساس بلذة الانتصار على النفس والشيطان، والتخلص من رقة المعصية ومذلة الذنب وكسرة النفس والقلب، وخوف عقوبة الآخرة.
وللأسرة دور أيضًا:
إننا ونحن ندعو شبابنا للعفة ومقاومة الشهوة لا ينبغي أن نغفل دورنا كآباء وولاة أمور، بل الواجب على الوالدين تيسير أسباب العفة للأبناء، ودفع غوائل الشهوة عنهم. فغرس الإيمان في القلوب بحسن التربية والتنشئة، وسد ذرائع الشهوة بإخراج آلات اللهو والإغراء من البيوت، والعلاقة الأخوية ورابطة الصداقة مع أبنائنا التي تحمي من قرناء السوء، وحسن الاستماع والإنصات لمشكلات الأبناء، مع البحث عن العلاج السليم دون التأنيب والاندفاع، مع فتح باب المصارحة لإيجاد أيسر الحلول من أقرب الطرق.. كلها معينات للأبناء، ولا تنسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".نسأل الله أن يصرف عن شباب المسلمين كل مكروه وسوء.
والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين

كيفية تحقيق العفة فى نفوسنا

إلى هؤلاء الشباب الذين قصرت بهم رواحلهم وعجزوا عن الزواج هذه الحلول السبعة، فأصغ لي السمع والفؤاد عزيزي القارئ:
1- الصوم:
لقد أرشدنا دينينا الحنيف إلى الصيام كعلاج مؤقت لمن لم يستطع الباءة - القدرة المالية - ولماذا الصوم؟
لأن الصوم يكسر شهوة النفس ويضيق عليها مجاري الشهوة التي تقوى بكثرة الغذاء وكيفيته، والصوم يفتر الأعضاء لنقص الغذاء، ويربي النفس ويقويها على الطاعة، ويقوي روابط الإيمان والخشية والمراقبة لله وحده.
وإذ بالرسول صلى الله عليه وسلم يضع يدنا على هذه الوسيلة المعاونة على الاستعفاف أو التسامي بالغريزة - ألا وهي الصوم- عندما قال في الحديث الشريف: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) رواه أحمد وبن حبان.
وجاء: أي وقاية وعلاج.
2- غض البصر عن المحرمات:
من جانب الرجال والنساء: فهو أدب نفسي رفيع، ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الإطلاع على المحاسن والمفاتن كما أن فيه إغلاقاً للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية ومحاولة عملية للحيلولة دون وصول السهم المسموم.
وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يحذرنا من نظرة العين، ومن كل وسيلة محرمة فيقول:
((كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه)) رواه مسلم, قال بن حجر في فتح الباري: ((إطلاق الزنا على اللمس والنظر وغيرهما بطريق المجاز؛ لأن كل ذلك من مقدماته)).
وقال الفخر الرازي: (والنظر بريد الزنا، ورائد الفجور، والبلوى في أشد وأكثر، ولا يكاد يحترس منه).
ومن هنا كان الاهتمام في القرآن الكريم والتوجيه من الله إلى عباده إلى غض البصر رجالاً ونساءً.
فقال تعالى: ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ....))[النور:30 : 31]
إن الإسلام لا يعتمد على العقوبة في إنشاء مجتمعه النظيف، إنما يعتمد قبل كل شيء على الوقاية، وهو لا يحارب الدوافع الفطرية ولكن ينظمها ويضمن لها الجو النظيف الخالي من المثيرات.
إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف لا تُهاج فيه الشهوات في كل لحظة، ولا تُستثار فيه دفعات اللحم والدم في كل حين، فعمليات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ، ولا يرتوي، والنظرة الخائنة، والحركة المثيرة، والزينة المتبرجة، والجسم العاري...، كلها لا تصنع شيئاً إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون، إلى أن ينفلت زمام الأعصاب والإرادة.
لقد أمر الله الرجال بغض البصر، ثم خص النساء أيضاً بآية غض البصر لتقليل فرص الغواية والفتنة الاستثارة من الجانبين.
وقديماً قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
وحديثاً قال الشاعر:
نظرة فابتسامة فســـلام فكلام فموعد فلقـــــاء
3- الابتعاد عن المثيرات الجنسية:
كالمحادثات الجنسية، والصور الجنسية، والكتابات الجنسية، والملامسة للجنس الآخر، والاختلاط بين النساء والرجال في غياب الحجاب بالنسبة للنساء، وأيضاً مشاهدة الأفلام المثيرة، وقراءة القصص الغرامية، ومشاهدة الصور في المجلات التي يقوم على ترويجها تجار الرذيلة وإثارة الغرائز، وسماع الأغاني الماجنة (أغاني الحب) كل ذلك مما يميع الخلق ويثير الغريزة ويضعف الذاكرة، ويجر الشباب والبنات إلى هاوية الرذيلة، ومن الهام جداً وخاصة في فترة المراهقة، تحصين الشاب والفتاة بالدين فهو خير علاج إذ يسمو بغرائزه وانفعالاته ويضبطها بضوابط الشرع.
وينصب اهتمام الشاب والفتاة في العمل الجاد وشغل أوقات الفراغ فيما يفيد وهي النقطة التالية.
4- شغل وقت الفراغ بما ينفع:
الفراغ سلاح ذو حدين، وبقدر ما يحسن الإنسان استغلاله، بقدر ما تكون النتائج طيبة وإذا اختلى الإنسان بنفسه، وخاصة المراهق والمراهقة تواردت عليه الأفكار الحالمة والتخيلات الجنسية الآثمة، وقديماً قال الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
واستثمار أوقات الفراغ يكون في النافع المفيد فيما يعود عليه في الدنيا والآخرة. ومن أمثلة الأنشطة التي تجذب الشباب: الرياضة البدنية، القراءة المفيدة، الرحلات الهادفة، حلقات تحفيظ القرآن، صلة الرحم وأعمال البر المختلفة.
وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اغتنم خمساً قبل خمس، ..... وفراغك قبل شغلك)) صحيح.
5- اختيار الرفقة الصالحة:
التي تحث على فعل الطاعة واجتناب المعصية وتحقق قول الله تعالى: (( تَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) [المائدة : 2]، فمن حصل على هذا الرفيق فيلزمه ملازمة السوار للمعصم.
وفيه قال الشاعر:
أخاك، أخاك إن من لا أخاً له كساع إلى الهيجاء بغير سلاح
وعلى الشاب والفتاة الابتعاد عن قرناء السوء الذين يزينون المساوئ ويحسنون القبيح، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليليه، فلينظر أحدكم من يخالل)). (رواه أحمد والترمذي)
وقال: ((لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي)) حديث حسن.
وقال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
6-نصائح طبية:
هنا بعض النصائح الطبية التي تخفف من حمأة الغريزة نلخصها فيما يلي:
الإكثار من الحمامات الباردة في فصل الصيف، الابتعاد عن البهارات والتوابل الحارة.
الإقلال من المنبهات كالقهوة والشاي، عدم الإفراط في أكل اللحوم الحمراء البيض وما شاكلها، عدم النوم على البطن أو الظهر، بل السنة النوم على الشق الأيمن.
7- استشعار خوف الله بالسر والعلن:
إذا استشعر الشباب والبنات عظمة الله تعالى وإحاطته بكل شيء وأنه يعلم السر وأخفى، وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثال ذرة شرا يره، وأن الأرض ستحدث أخبارها بما عمل فيها ابن آدم من خير أو شر, إذا تعمقت في سويداء قلبه مشاعر الخوف والخشية وخالجت روحه تلك المعاني المتقدمة؛ فلا شك أن الآخرة عنده خير من الأولى، وأن اللذة الدائمة هي بالنظر إلى وجه الله الكريم، والجنة والحور العين أولى من لذة عابرة يعقبها نار حامية.
وخلاصة هذا المقال أن الشاب والفتاة ليس أمامهما إلا الاستعفاف أو الزواج.

اللهم اهد شباب المسلمين...

حقيقة العفة ومحاسنها


العفّة :
هي : الامتناع والترفّع عمّا لا يحل أو لا يجمل من شهوات البطن والجنس ، والتحرّر من استرقاقها المُذِل ، وهي من أنبل السجايا ، وأرفع الخصائص الدالّة على سمو الإيمان ، وشرف النفس ، وعزّ الكرامة ، وقد أشادت بفضلها الآثار :
قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( ما من عبادة أفضل عند الله من عفّة بطن وفرج ) .
وقال رجل للإمام الباقر ( عليه السلام ) : إني ضعيف العمل ، قليل الصلاة قليل الصيام ، ولكنّي أرجو أن لا آكل إلاّ حلالاً ، ولا أنكح إلاّ حلالاً ، فقال ( عليه السلام ) له : ( وأيّ جهاد أفضل من عفّة بطن وفرج ) .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( أكثر ما تلج به أُمّتي النار ، الأجوفان البطن والفرج ) .
حقيقة العفّة :
ليس المراد بالعفّة حرمان النفس من أشواقها ورغائبها المشروعة في المطعم والجنس ، وإنّما الغرض منها هو القصد والاعتدال في تعاطيها وممارستها ، إذ كل إفراط أو تفريط مضرّ بالإنسان ، وداع إلى شقائه وبؤسه .
الاعتدال المطلوب :
من الصعب تحديد الاعتدال في غريزتي الطعام والجنس لاختلاف حاجات الأفراد وطاقاتهم ، فالاعتدال في شخص قد يعتبر إفراطاً أو تفريطاً في آخر .
والاعتدال النِسبِي في المأكل هو : أن ينال كلّ فرد ما يقيم أوَدَهُ ويسدّ حاجته من الطعام ، متوقّياً الجشع المقيت ، والامتلاء المرهق .
وخير مقياس لذلك هو ما حدّده الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يحدث ابنه الإمام الحسن ( عليه السلام ) : ( يا بني ألا أُعلّمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين .
قال : لا تجلس على الطعام إلاّ وأنت جائع ، ولا تقم عن الطعام إلاّ وأنت تشتهيه ، وجوّد المضغ ، وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء ، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطلب ) .
والاعتدال التقريبي في الجنس هو تلبية نداء الغريزة ، كلّما اقتضتها الرغبة الصادقة ، والحاجة المحفّزة عليه .
محاسن العفّة :
لا ريب أنّ العفّة هي من أنبل السجايا ، وأرفع الفضائل المعربة عن سموّ الإيمان ، وشرف النفس ، والباعثة على سعادة المجتمع والفرد .
وهي الخلّة المشرفة التي تزيّن الإنسان ، وتسمو به عن مزريات الشره والجشع ، وتصونه عن التملّق للئام ، استدراراً لعطفهم ونوالهم ، وتحفّزه على كسب وسائل العيش ورغائب الحياة ، بطرقها المشروعة ، وأساليبها العفيفة .

بعض من ثمار العفة



يشعر بعض من أسرتهم الشهوات أن الذين سلكوا طريق العفة يعيشون المعاناة مع النفس، والحرمان من اللذائذ، ويجهل هؤلاء أن للعفة ثمرات عاجلة وآجلة، ثمرات يجنيها المرء في الدنيا، وثمرات يجنيها في الآخرة، ومن هذه الثمرات:

1- الفلاح وثناء الله تعالى:

يفرح الناس بثناء البشر والمخلوقين ويعتزون بذلك، فالطالب يفرح بثاء معلمه عليه أمام زملائه، والطالبة تسعد بثناء معلمتها، وحين يكون الثناء والتزكية ممن له شهرة بين الناس تعلو قيمة الثناء، فكيف إذا كان الثناء من خالق البشر جميعا، وخالق السماوات والأرض بمن فيهن؟ قال تعالى } قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ.إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {(المؤمنون:1-7).

إنه ثناء لا يعدله ثناء، شهادة من الله تبارك وتعالى لهؤلاء بالإيمان، وإخبار عن فلاح هؤلاء الذين من صفاتهم حفظ الفرج والتجافي عن الفواحش، فهل يستبدل عاقل بذلك شهوة عاجلة ولذة فانية؟

2- الجنة والنعيم المقيم:

وعد الله تبارك وتعالى أهل العفة والحافظين فروجهم بالجنة والخلود فيها}أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ (المؤمنون:10-11).

ويخبر e - وهو الذي لا ينطق عن الهوى- عن وعد صادق، فيقول: "من يضمن لي مابين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة"( رواه البخاري (6474) و الترمذي (2408 ) .

فحين تعف نفسك عن الحرام وتحفظ جوارحك ينطبق عليك وعد الله تبارك وتعالى، ووعد المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى باستحقاق الجنة وضمانها . فهل لديك مطلب أغلى من الجنة ؟ اسأل العالم الذي يقضي وقته في العلم والتعليم، اسأل العابد الذي ينصب في عبادة ربه، اسأل المجاهد الذي يرخص نفسه في سبيل الله، اسأل الذي يضحي بنفسه لإحقاق الحق وإبطال الباطل، اسأل الداعية الذي يواصل سهر الليل بكدّ النهار ويقيمه همّ الدعوة ويقعده، اسأل هؤلاء جميعا لم يصنعون ذلك؟ سيجيبونك بإجابة واحدة( نريد الجنة ) إنها مطلب السائرين إلى الله عز وجل مهما تنوعت بهم السبل. فبادر أخي الكريم وبادري أختي الكريمة بضمان جوارحكم عن الحرام لتستحقوا هذا الوعد النبوي الصادق.

3- الطمأنينة وراحة البال:

يعاني من يسير وراء شهوته المحرمة عذاباً وجحيماً لا يطاق، أما من يعف نفسه فيعيش طمأنينة وراحة بال، إن الهم الذي يشغله ليس الهم الذي يشغل سائر الناس، والتفكير الذي يسيطر عليه ليس التفكير الذي يسيطر على سائر الناس، ولا عجب في ذلك، فالله تبارك وتعالى هو الذي خلق الإنسان وهو أعلم به، وخلقه لعبادته وطاعته، ومن ثم فلن يعيش الحياة السوية المستقرة مالم يستقم على طاعة الله تبارك وتعالى، فالسيارة التي صنعت لتسير في الطرق المعبدة يصعب أن تسير في غيرها، والقطار الذي صنع ليسير على القضبان حين ينحرف عن مساره لا يستطيع المسير.

وهكذا الإنسان فهو إنما خلق لعبادة الله وطاعته، فإذا انحرف عن هذا الطريق اضطربت حياته، وعانى من المشكلات، ولذا فأهل الكفر والإلحاد أقل الناس استقرارا وطمأنينة، وكلما اقترب العبد من الإيمان والطاعة ازداد استقرارا وطمأنينة.

4- لذة الانتصار على النفس:

لئن كان اللاهون العابثون يجدون لذة ممارسة الحرام، فالشاب العفيف والفتاة العفيفة يجدان من لذة الانتصار على النفس أعظم مما يجده أصحاب الشهوات، إن الرجولة والإنسانية الحقة أن يقدر المرء أن يقول لنفسه لا حين يحتاج إلى ذلك، وأن تكون شهواته مقودة لا قائدة، أما الذي تحركه شهوته وتستعبده فهو أقرب ما يكون إلى الحيوان البهيم الذي لا يحول بينه وبين إتيان الشهوة سوى الرغبة فيها.